منتهى الوضوح !

{title}
أخبار الأردن -

 

يعقوب ناصر الدين

في مقالي السابق بعنوان ( شيء من الوضوح) أشرت إلى أن الأردن يفهم المعادلة الإقليمية فهما دقيقا، ويدرك الخلفيات الحقيقية لمواقف دول الإقليم من الأزمات الراهنة وارتباطها بالمعادلة الدولية، وبالتالي فإنه يعرف أين يقف، ويعرف كذلك كيف يبني موقفه من التطورات المحيطة به، ويحافظ على مصالحه العليا، ويدفع باتجاه صون أمن واستقرار المنطقة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقلت إن النخب السياسية والصحفية مطالبة بالنظر في الاتجاه الصحيح لترى المشهد على حقيقته!

لا شك أن الغبار في هذه المنطقة كثيف، وأن الرؤية السليمة تحتاج إلى دقة النظر، وذلك ما سعى إليه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين خلال لقائه قبل أيام مجموعة من رجال السياسية والإعلام، حين شرح أمامهم الموقف من عدة زوايا، ومن على أرضية صلبة وثابة حيث يقف الأردن في المكان والزمان والموقف المناسب تماما، يدرك الحقائق التي تتعلق به وتتعلق بالآخرين، وفي ذلك ما يفسر تأكيد جلالته على أن الأردن قادر على التعامل مع كل التطورات والاحتمالات، وقادر كذلك على مواصلة مسيرته دون انقطاع أو كلل، وأنه عازم على المضي قدما في مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري وبث روح ودماء جديدة في عروق الدولة التي ترسم طريقها نحو المئوية الثانية من تاريخها المجيد.


وضع جلالة الملك بعض المصابيح في أيدي الحاضرين ليتمكنوا من إلقاء الضوء على المساحات المظلمة من الأحداث التي تجري منذ السابع من أكتوبر الماضي، وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة، وعدوانها المتصاعد على الضفة الغربية والقدس ومقدساتها، والتداعيات الإقليمية لتلك الأحداث التي يمكن أن تنزلق إلى حرب إقليمية واسعة النطاق تخوضها بعض دول الإقليم، وغيرها من الدول الكبرى التي تتصارع منذ زمن طويل على مقدرات المنطقة الأغنى بالنفط، فضلا عن موقعها الإستراتيجي من التجارة العالمية والممرات المائية، وغير ذلك كثير مما يجعلها منطقة لصراعات دائمة ومتجددة!

لا جديد بالنسبة للأردن فيما يخص طبيعة القوى الإقليمية التي تتنافس على القوة من خلال ثنائية الاقتصاد والقدرة العسكرية، وتلك ثنائية تصلح لتهديد الجيران وحتى احتلال مساحات حدودية، وحين تتحكم خلفيات تاريخية أو أيديولوجية في العقلية السياسية فإن تلك الثنائية لا تصلح لبناء قواعد العلاقات القائمة على التعاون المشترك وتبادل المصالح وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة، وضمان مستقبل أجيالها.


من هذه الزاوية فإن قوة الأردن في الإقليم تعتمد على المبادئ التي يجب أن تقوم عليها العلاقات الثنائية والجماعية في المنطقة، وفي كل مكان، وهو كذلك لا يسقط من حسابه التهديدات التي يمكن أن يتعرض لها، لكنه يدرك أن تلك المخاطر في اللحظة ستضر في اللحظات الحاسمة جميع الأطراف وبالقدر الذي يمكن أن يتضرر الأردن إن لم يكن أضعافا بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تعريض الأردن لأي شكل من أشكال التهديد أو الخطر.

لقد ألمح جلالة الملك إلى هذه المسألة من خلال تأكيده على أن للأردن من عناصر القوة ما يكفي لكي يكون الرقم الصعب في أي معادلة محتملة نتيجة الوضع الراهن، وأن نظرية الأردن الذي يحافظ على حيويته الدائمة، بل ويزيد من فعاليتها في مثل هذه الأوضاع يجب أن تتعمق أكثر من أي وقت مضى ، فنذهب في هذا الوقت بالذات إلى الاستحقاق الدستوري يوم العاشر من الشهر المقبل ونختار ممثلي الشعب من القوائم الحزبية والمحلية على أسس برامجية ، ونمضي كذلك في تطوير وتعظيم قدراتنا الاقتصادية ، وتعزيز قوة مؤسساتنا الوطنية لتظل حاضرة وقادرة على تحمل مسؤولياتها في تخطيط وتنفيذ مشروعات الدولة وتنمية قطاعاتها المختلفة .

ذلك هو التفكير والفهم والتفسير
(بمنتهى الوضوح ) ليس من أجل أن نرى ما يدور حولنا وحسب ، بل من أجل أن يرى الأردنيون حاضر بلدهم ومستقبله في وضح النهار ، وهم أكثر وثوقا بقوة الأردن وصلابته ، فلا يلتفتون إلى حملات التضليل والتشكيك والتخويف ، وغيرها من الحملات المكشوفة بمصادرها ومآربها وأهدافها الخبيثة ، والتي عرفناها تتحطم دائما على أرض الصمود والرباط بحول الله وفضله!

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير